إننا ونحن نعيـــش عبق هذه الذكرى الخالدة ذكرى ميلاد لقائد عظيم وهب نفسه وكرس حياته لخدمة شعبه وأمته لا نملك إلا أن نقف إجلالا وإكبارا أمام هذا الذكرى التاريخية المحفورة في اذهاننا جميعا .... ذكرى ميلاد ملك سيبقى على مدى الدهر ماثلا وحاضرا فينا ، و نستذكر فيه ما قدمه الهاشميون الأخيار من عمل موصول وعطاء لم ولن ينضب لإرساء دعائم التقدم والاستقرار في وطننا العزيز.
يقف الاردنيون في ذكرى ميلاد الملك الحسين طيب الله ثراه في الرابع عشر من تشرين الثاني في كل عام ... وقفة اجلال وتبجيل ووفاء ... وهم يستذكرون سيرة ملك عظيم ... وقائد فذ ... نذر حياته لشعبه ... وتمكن بحكمته وحسن قيادته من ان يجعل الاردن بلدا ذا حضور مميز ... يحظى بالمكانة والاحترام والتقدير في الساحة الدولية .
حقق الاردن في عهد جلالته رحمه الله قفزات نوعية على صعيد التقدم في ميادين الحياة كافة ... سياسية ، واقتصادية ، واجتماعية ، وتعليمية ... فكان الاردن مثالا يحتذى في العطاء والانجاز الحضاري .
كما أولى جلالة الملك المرحوم جل اهتمامه للشأن الداخلي فكانت القوات المسلحة محط اهتمامه ورعايته ، ومنذ تسلم جلالته لسلطاته الدستورية عمل على بناء الدولة الاردنية في ظروف صعبة بسبب الاوضاع التي كانت تحيط في المنطقة في ذلك الوقت ... فبدأ جلالته بخطوات جريئة وشجاعة استهلها بتعريب قيادة الجيش العربي الاردني في الاول من اذار عام 1956م وتسليم قيادته للضباط الاردنيين الاكفياء ... وحرص جلالته على ايلاء القوات المسلحة الاردنية جل عنايته ورعايته لتكون سياج الوطن المنيع ..
جلالته طيب الله ثراه على مدى سبعة واربعين عاما من القيادة الحكيمة والعطاء المتميز ... الذي بنى فأعلى ... وأعطى فأجزل ... وقاد الشعب والامة ... فجلّت القيادة.. ونعم الشعب.
في الوقت الذي نعيش الان اجواء برلمانية وعرس وطني عشناه قبل ايام قليلة ... نستذكر حرص جلالته على ما شهده الاردن في عهده من حياة برلمانية لم تتوقف واستمرت بعدها المسيرة الديمقراطية بمشاركة شعبية واسعة من جميع القطاعات في المجتمع.حيث اجري في عهد جلالته طيب الله ثراه انتخابات برلمانية في الاعوام 1989، 1993م، 1997م ... وكان هذا النهج شاهدا حيا على مفاهيم الديمقراطية والحرية والعدالة .... لان الانسان الاردني كان أغلى ما نملك كما تجلى في فكر الحسين ... فقد كان الاهتمام بالانسان الاردني طاقة وابداعا خلاقا ومترجما على ارض الواقع ... فهذ النهج الديقراطي الذي تبناه الحسين رحمه الله جعل الاردن نموذجا يحتذى في دول المنطقة والعالم اجمع .
ان الحديث عن جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه وعن مسيرته الخيرة الحافلة بالعطاء والانجاز لا يمكن ان تختصر في عبارات او مؤلفات ... لانها محفورة في ذاكرة الاردنيين وقلوبهم ووجدانهم ابد الدهر ولا شك في ان ذكرى ميلاده ستبقى مكتوبة باحرف من نور يرويها كل اردني في كل زمان ومكان ... فهي ذكرى خالدة خلود الوطن ...
رحل الحســـين وما رحلت مبادئه وأفكاره تلك التي يستلهم الأردنيون منها رؤى العصر, ويؤكدون العزيمة على المضي قدما مع هاشمي يحمل الراية بقوة وإصرار, يواصل مسيرة الأب الهاشمي فيمضي نحو المستقبل المشرق الواعد لوطن الخير والمحبة والسلام؛ فيقود جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الأردن نحو الغد وهو يريده وطنا للمعرفة والعلم والإنجاز بهمة الشباب وبإخلاص ووفاء أهله الذين هم على العهد الهاشمي لا تزيدهم التحديات إلا إصرارا على العمل والعطاء والانجاز .
وفي السابع من شباط عام 1999 كان الأردن - في وداع الحسين وسط حشد من قادة العالم في جنازة وصفت بأنها جنازة العصر وكان ذلك الحضور دليلا على مكانة الحسين بين دول العالم كافة ومكانة الأردن واحترام الشعوب له .
وفي هذه الذكرى التاريخية الاردنيون يبتهلون إلى الله عز وجل أن يتغمد روحه الطاهرة بواسع الرحمة والغفران وان يطيل الله سبحانه وتعالى في عمر جلالة الملك عبد الله الثاني وان يحفظه ذخرا وسندا للأمة العربية والإسلامية .